توظيف الدراما العربية في مناقشة القضية الفلسطينية

 بقلم : بيان مقيل

أعمالا كثيرة شاهدناها وتابعنا كل حلقة فيها تتحدث عن معاناة الشعب الفلسطيني وعن القضية الفلسطينية بشكل عام , ولقد حصلت هذه الأعمال على جوائز الأوسكار , كالعمل الدرامي (عيون الحرمين) الذي تم تصويره في نابلس مستمد من الواقع , كما رشح الفيلم الفلسطيني الشهير (عمر) الذي حاز ايضا على جائزة الأوسكار وذلك في عام 2014 .

 القضية الفلسطينية، لاسيما النكبة ومراحلها من لجوء وتشرد، تحتاج إلى توثيق وتذكير العالم الذي لا ينفك يتباكى على اليهود: «علينا أن نقول إننا هنا بكافة الأشكال الفنية، وفي مقدمتها الأفلام والمسلسلات العربية.».

وما زال الفلسطينيون يأملون أن تطل عليهم رائعة كرائعة «التغريبة الفلسطينية» التي رسمت الملامح الدرامية التاريخية للجرح الفلسطيني، وفي مقدمتها فصول التشرد واللجوء, وسلط العمل الرائع الذي كتبه الكاتب الفلسطيني وليد سيف وأخرجه المخرج السوري حاتم علي على التجارب الإنسانية للاجئين.

كما يتمنى المشاهد العربي ولا سيما الفلسطيني أن يرى العالم أكثر من تغريبة فلسطينية، وأن يُسلَّط الضوء على معاناة الفلسطينيين من خلال إنتاج الأفلام الوثائقية والمسلسلات التي تحكي قصة النكبة واللجوء.

فلسطين لم تكن في منأى عن السينما من قبل النكبة، وكان لها نشاطات عديدة. ففي عام 1935، قام مخرج فلسطيني بعمل فيلم عن زيارة الملك عبد العزيز للقدس، واستمرت هذه الصناعة إلى ما بعد النكبة. بهذه الكلمات بدأ المخرج الفلسطيني بشار حمدان حديثه ومضى يقول: «ولقد كانت هناك دائرة متخصصة في منظمة التحرير الفلسطينية تسمى دائرة السينما لإنتاج الأفلام، وكانت تابعة لدائرة الثقافة عملت على تنفيذ العديد من الأفلام تناقش القضية الفلسطينية».

وتابع بالقول: «تشهد الأفلام الفلسطينية اليوم نقلة نوعية باتجاه التعريف بالقضية بعيداً عن الخطاب الحزبي والأيديولوجي، وهو أمر ليس جديد؛ فمنذ الثمانينيات كان فيلم «ذاكرة خصبة» للمخرج ميشيل خليفي.. وقُدم خلال هذه الفترة العديد من الأفلام البعيدة عن البكاء والنحيب وتعكس صورة للمشهد الفلسطيني».

وأكد ضرورة رواية الكثير من الحكايات الإنسانية التي حدثت خلال الهجرة وما قبلها؛ فهي تكاد تغيب بمضي الزمن وموت الأجداد، مضيفاً: «إن ذلك جزء من عملية «المقاومة المدنية» وتجب المشاركة فيها لتقديم أفلام عن فلسطين تسعى إلى ما وراء الخبر وما أغفلته وسائل الإعلام… وذلك بهدف كسب التأييد مع كافة قطاعات الشعب الفلسطيني من خلال تقديم الأفلام».

ومن الأعمال التي ناقشت القضية الفلسطينية ,  مسلسل التغريبة الفلسطينية 2004 , لا يمكن أبدًا الحديث عن الأعمال الفنية الدرامية دون أن نبدأ بمسلسل التغريبة الفلسطينية وهي ملحمة قد أنتِجت أكثر من مرة، فيما كان الإنتاج الأضخم في عام 2004 ، ويعد المسلسل الأضخم والأقوى والأشهر؛ أخرج هذا العمل المخرج القدير حاتم علي، ونجح في تصوير الحياة الفلسطينية قبل وبعد وأثناء النكبة الفلسطينية، وعلاقة أفراد الاسرة فيما بينهم، ابتداءً من الوالديْن وفقرهم الشديد، وأبنائهم، ومنهم الثائر، ومنهم من سلك طريق العالم والراغب في الهجرة تمامًا كما هو الواقع اليوم.

أيضا مسلسل الاجتياح الذي تم عرضه عام 2004 , كان يتحدث عن   ما قامت به قوات الاحتلال الإسرائيلي من اجتياح مخيم جنين في عام 2002 في عملية عسكرية أَطلق عليها رئيس الوزراء الاسرائيلي  آرييل شارون عملية «السور الواقي»، وحصل المسلسل على جائزة إيمي العالمية عن فئة المسلسلات الطويلة من بين خمسمائة مسلسل عالمي , فقد بُث المسلسل على قناة LBC، وكانت معظم الفضائيات العربية قد أحجمت عن بث هذا المسلسل وبعد حصوله على جائزة الإيمي عُرض على قناة MBC. المسلسل من إخراج شوقي الماجري وتأليف رياض سيف.

كما تحدث مسلسل أنا القدس الذي تم بثه في عام 2015 عن تاريخ المدينة المقدسة، خلال فترة حرجة تمتد 50 عامًا بدءًا من سنة 1917 حين وضعت فلسطين التاريخية تحت الانتداب البريطاني وصدر وعد بلفور بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين التي كان يغلب العرب على سكانها آنذاك , وتنتهي أحداث المسلسل بحلول عام 1967 حين سقطت مدينة القدس كلها في يد إسرائيل التي كانت تسيطر على الجزء الغربي من المدينة منذ عام 1948. ويحكي المسلسل حياة سكان القدس وتفاعلهم مع التغيرات التي حدثت في ظل الانتداب البريطاني ثم الحكم الإسرائيلي بعد ذلك، ولا يقتصر المسلسل على الحديث عن القدس وأوضاعها السياسية بل يوضح الأهمية الفكرية والثقافية للشطر العربي من المدينة.

كما  حاولت بعض القنوات الفلسطينية  تحريك الساحة الفنية في قطاع غزة بعد سنوات من الركود فأنتجت مجموعة من الأعمال الفنية وكانت من أبرزها في العام 2014 مسلسل الروح، الذي تم بثه في العديد من القنوات العربية  والذي يؤكد مخرجه عمّار التلاوي أنه مسلسل يتطرق إلى المعاناة داخل الأسر الفلسطينية بسبب الاحتلال من خلال تناول قصص أهالي الشهداء والأسرى والجرحى، إضافة إلى تجسيد مقاومة الأسرى وهم داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي , ويعد «الروح» نقلة نوعية في الدراما المنتجة بقطاع غزّة، إذ يُصنَّف على أنه من أعمال «الأكشن»لما يحتويه من مشاهد مطاردات وقصف واعتقالات…

 رسم القضية الفلسطينية في الدراما العربية ، خطوة هامة  لإيصال رسالة مهمة للأجيال عن قضية الشعب الفلسطيني وتاريخه وعلاقة هذا بالشعوب العربية التي هو جزء لا يتجزأ منها.

وأكد هؤلاء على أهمية الدراما في تقديم التاريخ؛ لأنها ستوصل الرسالة للأجيال حتى تبقى ثابته وغير متغيرة، كما ابدوا اعجابهم بالامكانات الفنية المتوفرة والجو الذي يتم فيه العمل وحتى موضوع البطء في التصوير والنابع من الدقة وصولا الى اجمل صورة لمسلسل متكامل؛ لذلك فإن عدم التسرع هو صفة ملازمة للعمل.

Related posts